د.عبدالمجيد عبدالله دية

أولا: إشراقات ذي الحجة:

 

 

يشرق علينا “ذو الحجة” بأنواره ورحماته وتجلياته، تدفعنا إلى تجديد الإيمان، وتحرضنا على العمل الصالح، وتذكرنا بأيام الله.

إنها نفحات الله في أيام الله…

حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم يوجهنا للتعرض لها، والتقلب في نعيمها بقوله:” إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها”

تعرضوا لنفحات الله في صلاتكم

تعرضوا لنفحات الله في صيامكم

تعرضوا لنفحات الله في حجكم

تعرضوا لنفحات الله في زكاتكم وصدقاتكم وأضحياتكم وذكركم ودعائكم ومناجاتكم…

تعرضوا لنفحات الله لتفوزوا بمغفرته ورحمته وجنته …

كونوا من أهل البشارة…بشارة الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات…( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار…)البقرة

 

 

ثانيا: أعظم الأيام عند الله:

 

 

شهد النبي عليه السلام أنها أعظم الأيام عند الله، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله منه في غيرها، كما ورد في حديث ابن عباس_رضي الله عنهما_أن النبي_صلى الله عليه وسلم قال_: ” ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء” رواه الترمذي وأصله في البخاري.

وفي حديث ابن عمر:” ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد” رواه أحمد

إنها مواسم الخير…إنها الأوقات الفاضلة..حيث يضاعف الأجر والثواب…فالعمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالعمل الفاضل في غيره، ويزيد عليه لمضاعفة ثوابه وأجره… 

 

 

ثالثا: الدافع إلى الإكثار من الطاعات في هذه الأيام:

 

 

مشاركة الحجيج في بعض الطاعات…

لما وضع الله في نفوس المؤمنين حنينا إلى مشاهدة بيت الله الحرام، جعل موسم العشر مشتركا بين السائرين والقاعدين، فمن عجز عن الحج في عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته يشارك فيه الحجيج في أعمالهم …

قال ابن حجر في الفتح:” والذي يظهر أن السبب في امتياز العشر من ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره”.

فالغنيمة الغنيمة… والعمل العمل…شاركوا الحجيج في صلاتهم وذكرهم واستغفارهم وتكبيرهم.

فسجل الله ذكرهم بقوله:[ ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام] الحج 28.

وقوله: )ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم، فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين. ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ) البقرة (198_ 199).

اذكروا الله ذكرا حسنا كما هداكم هداية حسنة

استغفروا الله ، فإنه عظيم المغفرة واسع الرحمة

اشكروا الله على نعمة الهداية والإيمان.

أكثروا من ذكر الله وبالغوا في ذلك ، كما كنتم تذكرون آباءكم وتعدون مفاخرهم بل أشد. صفوة التفاسير( ج1/ ص130).

كبروا الله في قلوبكم وعقولكم وحياتكم وأسواقكم. فالله أكبر من كل شيء في هذا الوجود .

اجعلوا السلف الصالح قدوتكم…”فها هو عبدالله بن عمر بن الخطاب وأبو هريرة كانا يخرجان إلى السوق في العشر فيكبران فيكبر الناس بتكبيرهما” رواه البخاري

قال تعالى:( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا)

( وذكر إن نفعت الذكرى) . ذكر الناس حتى يذكروا الله ، ذكر وشكر على النعمة…

رابعا: شاركوا الحجيج في الهدي:

 

الأضحية سنة نبيكم، حيث يقول :” من دخل عليه العشر وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا” رواه مسلم

حقا إنها أيام الله … درتها يوم عرفة يوم المغفرة ويوم العتق من النار…عن أبي قتاده رضي الله عنه قال:” سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة ؟ قال : يكفر السنة الماضية والباقية” صحيح مسلم

إنه يوم العتق من النار…لقوله عليه السلام:” ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنوا ثم يباهي بهم الملائكة ، فيقول ماذا أراد هؤلاء؟ رواه مسلم

خامسا: عظموا شعائر الله:

إنها شعائر الله فعظموها؛ لتنالوا منازل الأتقياء، لقوله تعالى:” ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب” الحج 32

فالأيام العشر من شعائر الله ويجب تعظيمها في القلوب والألسن والجوارح، ويجب اغتنام الموسم، وأن يضع المرء برنامجا للأعمال الصالحة في هذه الأيام ومنها:

1. إدخال السرور على قلب الزوج والولد وعموم المسلمين

2. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله

3. نصرة المظلومين في سجون المستبدين في بلاد العرب والمسلمين

4. نصرة الأسرى في سجون الإحتلال، ونصرة فلسطين

5. دعم المجاهدين في كل مكان.

6. السعي نحو وحدة الأمة.

7. بر الوالدين وصلة الأرحام والجيران.

8. ذكر الله تعالى ذكرا كثيرا .

*** فالأعمال الصالحة كثيرةٌ ومتنوعةٌ وشاملةٌ، فكل عملٍ تحقق فيه شرطا الإخلاص وموافقة السنة، فهو من الأعمال الصالحة؛ لقوله تعالى: “فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا”.

فالأعمال الصالحة تشمل فروض الكفايات من جهادٍ، وصناعةٍ، وطبٍ، وهندسةٍ، وزراعةٍ، وتجارةٍ، ونحوها…ويكون أجرُها عظيماً في الدنيا والآخرة، قال تعالى: “من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينه حياةً طيبةً ولنجزينهم أجرهم بأحسنِ ما كانوا يعملون”.

فالأعمال الصالحة قد تكون قاصرةً على المكلف، كالصلاة والصيام والحج، وقد تكون متعديةً للآخرين، وتساهم في بناء أمة الإسلام، كالمساهمة في التعليم، وإعداد الدعاة، والمساهمة في الصناعة والتجارة والزراعة، والدفاع عن الوطن والإنسان.